كيف تحولت من العمل مدرساً بروضة أطفال إلى العمل بشركة أبل

    لطالما كنت شغوفاً بشيئين طوال حياتي، وهما العدالة الإجتماعية والتكنلوجيا. وبقدر ما رغبت في جعل العالم مكاناً أفضل، كنت أتابع أحدث الأجهزة والابتكارات.

    تابعت شغفي الأول في بداية مسيرتي المهنية وشعرت بأن التدريس في روضة أطفال ببروكلين هو العمل الذي يمكنني أن أحدث فيه فرقاً. لكن كما هو الحال مع معظم الأشياء في الحياة، طرأ شيء غير متوقع، فقد اكتشفت أن شغفي وخبراتي ليسا الأمر نفسه بالضرورة.

    لا سيما، نظراً لأنني انطوائي، وجودي في مكان واحد مع 25 طفلاً مشاغبا يومياً لم يكن متوافقاً مع نقاط قوتي، مهما بلغت مهارتي في التعامل مع الأطفال.

    مع ذلك، في نفس الوقت الذي كنت أجاهد فيه للتدريس، لمست في نفسي اهتماماً متعاظماً بالجوانب التكنلوجية من عملي، مثل إنشاء مدوّنة للصف، وتعليم تلاميذي كيفية إعداد مقاطع الفيديو، والقيام بدور المختص بالدعم التقني مع حواسيبنا العتيقة. كان الأمر من الوضوح بحيث أن أحد زملائي أخيراً انتحى بي جانباً وقال لي: “ما الذي تفعله هنا بحق السماء؟ ينبغي أن تكون في مجال التكنلوجيا يا رجل!”

    كما يحدث دائماً، دائماً ما يكون شخص آخر هو من يرى الحقائق الواضحة في حياتنا.

    لكن بقدر ما آلمني إدراك أنني لست مقدراً لي أن أعمل في (ما ظننت أنها) وظيفة أحلامي، كنت أعلم أن زميلي محق. لذلك شرعت في البحث عن وظيفة أحلامي الجديدة، وظيفة تجمع بين شغفي ومهاراتي.

    استغرقت هذه الرحلة سنوات، وارتكبت خلالها كثيراً من الأخطاء. لكن ما أودّ قوله لكل من يسعى لتغيير مجال عمله هو أن الأمر ممكن إذا اتبعت الخطوات الثلاث التالية:

1/ اختر الدور المناسب

    عندما نفكر بتغيير مجال عملنا، من المغري أن نفكر بالشركات (‘ألن يكون من الرائع أن أعمل لدى غوغل؟’) لكن رجاءً، قاوم هذا الإغراء، وضع نفسك في مكان مسؤول التوظيف، الذي يتحكم في مصيرك المهني.

    لأنك حالما تفعل ذلك، سوف تدرك هذه الحقيقة الأساسية، وهي أنه لا يوجد مسؤول توظيف قد يقول: “أنا بحاجة للعثور على شخصٍ ما يريد أن يعمل في غوغل”

    فكرة العمل لدى مثل هذه الشركات العملاقة مثيرة لسبب واحد، وهو أن الجميع يريد أن يعمل بها. لذلك فإن أهدافك وتطلعاتك وحدها- مهما كانت- لن تساعدك على الحصول على الوظيفة.

    يركز مسؤولو التوظيف على دور محدد، مثل: “أريد خمسة coders”

    لذلك قم بإجراء البحث اللازم واكتشف ما يمكنك فعله تحديداً في المجال الجديد أو في شركة أحلامك.

    بالنسبة لي، كنت أعلم إنني لست مؤهلاً لأكونcoder . لكن نظراً لشغفي بالعدالة الإجتماعية والتكنلوجيا، أحببت فكرة التواصل مع ملايين الناس حول العالم. لذلك كان التسويق هو المجال المثالي لي.

2/ احصل على المؤهلات الصحيحة

    حالما تضع الدور الذي يناسبك نصب عينيك، يجب أن تعرف الحد الأدنى المطلوب من المؤهلات. لأنك ربما لا تحتاج إلى خمس أو سبع سنوات خبرة، لكن مسؤول التوظيف سيطلب مؤهلات أخرى بدلاً عنها (تخصص معين، أو شهادة ما)، فعليك بالبحث في وصف الوظيفة لتحصل على فكرة عن الحد الأدنى المطلوب.

    كن واقعياً. أفضل طريقة لمعرفة ما يهم حقاً هي البحث في الملفات الشخصية للذين يعملون بالوظيفة التي تريدها. وإذا إتضح لك أن كل واحد منهم لديه شهادة أو خبرة معينة، فهي ما ينبغي أن تسعى للحصول عليها.

    كان هذا يعني بالنسبة لي أن أعود إلى كلية الدراسات العليا. رغم إنني كنت اعتقد أن شهادة ماجستير إدارة الأعمال غالباً ما يحصل عليها المستشارون وموظفو المصارف، إتضح لي أن جميع الذين يعملون في مجال التسويق الذين قابلتهم في شركة أبل، ولنكد إن، وأماكن أخرى يحملونها. لذا حصلت على شهادة ماجستير إدارة الأعمال أيضاً. وكان الأمر يستحق العناء.

3/ كن مميزاً عن الآخرين

    فتحت شهادة ماجستير إدارة الأعمال أمامي آفاقاً واسعة، بطبيعة الحال. لأنه في نفس اليوم الذي وطئت فيه قدماي الحرم الجامعي، بدأت جميع الشركات التي لم تكن ترد على اتصالاتي تحاول توظيفي. لكن كانت هناك مشكلة واحده، فقد كانوا يحاولون توظيف جميع زملاء دراستي أيضاً!

    ومما زاد الطين بلة، عمِل العشرات من زملاء دراستي في هذا المجال من قبل. إذاً كيف يمكنني منافستهم وأنا مدرس روضة أطفال سابق؟

    تكمن الإجابة، مجدداً، عند مسؤول التوظيف الذي يقف بينك وبين وظيفة أحلامك. تخيّله ينقب بين عشرات الطلبات التي لا يميزها شيء، يقرأ (“السيد… أريد وظيفة..إلخ”) ويستسلم محبطاً.

    تخيل الآن كيف سيكون شعوره- وهو بين تلك الطلبات المتشابهة التي تبعث على الملل- عندما يعثر على طلب مختلف ومثير للإهتمام.

    بإعتبارك شخص يقوم بتغيير مجال عمله، إنك مؤهل لكتابة هذا الطلب. فرغم كل شيء، لديك منظور جديد سوف تصطحبه معك إلى مجالك الجديد. لذا لمَ لا تبدأ بهذا. وهو ما فعلته تحديداً. هذه هي بداية خطابي:

   “السيد (اسم مدير التوظيف)

        كان واضح من العرض الذي قدمتموه الشهر الماضي أن شركة أبل  ليست شركة نمطية، ولا تبتكر منتجات عادية، أو توفر خبرات عادية لزبائنها. وقطعاً لا توظف أنلساً عاديين لتصميم وتسويق تلك المنتجات. والحال هذه، باعتباري مدرس الأطفال الوحيد الذي علم نفسه PHP/MySQL أقدم طلبي بفخر للانضمام لمعسكر التدريب الصيفي الخاص بمديري تسويق المنتجات.”

 

    وبعد خمسة أشهر تحديداً، كنت جالساً في بص متجه إلى كوبرتينو (مقر شركة أبل، للذين ليس لديهم اهتمام بالتكنلوجيا)

    إذاً، كما سبق لي القول، تحويل مساري المهني من مدرس روضة أطفال إلى شركة أبل لم يكن أمراً سهلاً أو سريعاً. لكن آمل أن يشعرك ما حققته بأن كل شيء ممكن إذا ما ركزت على ما هو مهم. وإذا اتبعت الخطوات التي اتبعتها- إيجاد الدور المناسب، والحصول على المؤهلات، وتمييز نفسك عن بقية المنافسين- يمكنك تغيير مجال عملك أيضاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى